غرد و شير

الثلاثاء، 23 يونيو 2009

كتب الشاعر الكبير فاروق جويدة، قصيدة جديدة - ووحيدة في عام 2007 - عن هجرة الشباب المصري للخارج بعد أن فجعته مشاهد غرق العشرات منهم في رحلات الموت إلي شواطئ أوروبا، بحثاً عن عمل أو كرامة.وأبدع جويدة في القصيدة واصفا الرمق الأخير من عمر شاب في عرض البحر وهو يردد وصيته الأخيرة:
هذي بلادُ .. لم تعد كبلادي.وكتب الشاعر الكبير هذه القصيدة بعد أن شاهد جثث الشباب المصري علي شواطئ تركيا، وكان قبلها بشهر واحد يقف علي شواطئ اليونان بعد حصوله علي جائزة وتكريم دولي هناك.وموقع موبايل فور اوول يعيد نشر هذه القصيدة نقلا عن جريدة المصري اليوم إهداءا إلي شهداء مصر من الشباب الذين ابتلعتهم الأمواج علي شواطئ إيطاليا وتركيا واليونان.كم عشتُ أسألُ: أين وجــــــــهُ بــــلاديأين النخيلُ وأيـن دفءُ الــواديلاشيء يبدو في السَّمـَــاءِ أمـامنــــــــــاغيرُ الظـلام ِوصــورةِ الجــلادهو لا يغيبُ عن العيــــــــون ِكأنــــــــهقدرٌٌ .. كيوم ِ البعــثِ والميــــلادِقـَدْ عِشْتُ أصْــــرُخُ بَينـَكـُمْ وأنـَـــــاديأبْنِي قـُصُورًا مِنْ تِـلال ِ رَمَـــادِأهْفـُـو لأرْض ٍلا تـُسـَـــاومُ فـَرْحَتـِــــيلا تـَسْتِبيحُ كـَرَامَتِي .. وَعِنَــادِيأشْتـَـاقُ أطـْفـَـــــالا ً كـَحَبــَّاتِ النـَّــــدَييتـَرَاقصُونَ مَـعَ الصَّبَاح ِالنـَّادِيأهْـــفـُــــو لأيـَّـام ٍتـَـوَارَي سِحْــرُهَـــــاصَخَبِ الجـِيادِ.. وَفرْحَةِ الأعْيادِاشْتـَقـْــــتُ يوْمـًا أنْ تـَعـُــودَ بــِــــلادِيغابَتْ وَغِبْنـَا .. وَانـْتهَتْ ببعَادِيفِي كـُلِّ نَجْــم ٍ ضَــلَّ حُلـْـــٌم ضَائـِـــــع ٌوَسَحَابَــة ٌ لـَبسـَـتْ ثيــَـابَ حِدَادِوَعَلـَي الـْمَدَي أسْـرَابُ طـَيــر ٍرَاحِــــل ٍنـَسِي الغِنَاءَ فصَارَ سِـْربَ جَرَادِهَذِي بِلادٌ تـَاجَـــرَتْ فــِـي عِرْضِهـــَــاوَتـَفـَـرَّقـَتْ شِيعًا بـِكـُـــلِّ مَـــزَادِلـَمْ يبْقَ مِنْ صَخَبِ الـِجيادِ سِوَي الأسَيتـَاريخُ هَذِي الأرْضِ بَعْضُ جِيادِفِي كـُلِّ رُكـْن ٍمِنْ رُبــُــوع بـِـــــلادِيتـَبْدُو أمَامِي صـُورَة ُالجــَــــلادِلـَمَحُوهُ مِنْ زَمَن ٍ يضَاجـِــعُ أرْضَهَـــاحَمَلـَتْ سِفـَاحًا فـَاسْتبَاحَ الـوَادِيلـَمْ يبْقَ غَيرُ صـُـرَاخ ِ أمـْــس ٍ رَاحـِـل ٍوَمَقـَابـِر ٍ سَئِمَتْ مـِــنَ الأجْـــدَادِوَعِصَابَةٍ سَرَقـَتْ نـَزيــفَ عُيـُـونِنـَــــابـِالقـَهْر ِ والتـَّدْليـِس ِ.. والأحْقـَادِمَا عَادَ فِيهَا ضَوْءُ نـَجْــــم ٍ شـَــــــاردٍمَا عَادَ فِيها صَوْتُ طـَير ٍشـَـــادِتـَمْضِي بـِنـَا الأحْزَانُ سَاخِــــرَة ًبـِنـَــاوَتـَزُورُنـَا دَوْمــًا بـِـلا مِيعــَـــادِشَيءُ تـَكـَسَّرَ فِي عُيونـِــــي بَعْدَمَـــــاضَاقَ الزَّمَانُ بـِثـَوْرَتِي وَعِنَادِيأحْبَبْتـُهَا حَتـَّي الثـُّمَالـَـــــة َ بَينـَمـَــــــابَاعَتْ صِبَاهَا الغـَضَّ للأوْغـَــادِلـَمْ يبْقَ فِيها غَيـرُ صُبْــح ٍكـَـــــــاذِبٍوَصُرَاخ ِأرْض ٍفي لـَظي اسْتِعْبَادِلا تـَسْألوُنـِي عَنْ دُمُـوع بــِــــــلادِيعَنْ حُزْنِهَا فِي لحْظةِ اسْتِشْهَادِيفِي كـُلِّ شِبْر ٍ مِنْ ثـَرَاهـَا صَــرْخَـــة ٌكـَانـَتْ تـُهَرْولُ خـَلـْفـَنـَا وتـُنَادِيالأفـْقُ يصْغُرُ .. والسَّمَــاءُ كـَئِيبـَـة ٌخـَلـْفَ الغُيوم ِأرَي جـِبَالَ سَـوَادِتـَتـَلاطـَمُ الأمْوَاجُ فـَــوْقَ رُؤُوسِنـَــــــاوالرَّيحُ تـُلـْقِي للصُّخُور ِعَتـَادِينَامَتْ عَلـَي الأفـُق البَعِيـــدِ مَلامــــــحٌوَتـَجَمَّدَتْ بَينَ الصَّقِيـِع أيـــَـــادِوَرَفـَعْتُ كـَفـِّي قـَدْ يرَانـِي عَاِبـــــــــرٌفرَأيتُ أمِّي فِي ثِيـَــابِ حـِـــــدَادِأجْسَادُنـَا كـَانـَتْ تـُعَانـِـــقُ بَعْضَهـَــــاكـَوَدَاع ِ أحْبَــابٍ بــِــلا مِيعـَــادِالبَحْرُ لـَمْ يرْحَمْ بَـرَاءَة َعُمْرنـَـــــــــاتـَتـَزاحَمُ الأجْسَادُ .. فِي الأجْسَادِحَتـَّي الشَّهَادَة ُرَاوَغـَتـْنــِي لـَحْظـَــة ًوَاستيقـَظـَتْ فجْرًا أضَاءَ فـُؤَاديهَذا قـَمِيـصـِـــي فِيهِ وَجْــــهُ بُنـَيتــِيوَدُعَاءُ أمي .."كِيسُ"مِلـْح ٍزَادِيرُدُّوا إلي أمِّي القـَمِيـــصَ فـَقـَـدْ رَأتْمَالا أرَي منْ غـُرْبَتِي وَمُـرَادِيوَطـَنٌ بَخِيلٌ بَاعَنــي فـــــي غفلـــــةٍحِينَ اشْترتـْهُ عِصَابَة ُالإفـْسَـــادِشَاهَدْتُ مِنْ خـَلـْفِ الحُدُودِ مَوَاكِبــًـاللجُوع ِتصْرُخُ فِي حِمَي الأسْيادِكـَانـَتْ حُشُودُ المَوْتِ تـَمْرَحُ حَوْلـَنـَاوَالـْعُمْرُ يبْكِي .. وَالـْحَنِينُ ينَادِيمَا بَينَ عُمْـــــر ٍ فـَرَّ مِنـِّي هَاربـــــًـاوَحِكايةٍ يزْهـُــو بـِهـَـــا أوْلادِيعَنْ عَاشِق ٍهَجَرَ البـِلادَ وأهْلـَهـــــــَـــاوَمَضي وَرَاءَ المَال ِوالأمْجـَـــادِكـُلُّ الحِكـَايةِ أنَّهـــَـــا ضَاقـَتْ بـِنـَـــــاوَاسْتـَسْلـَمَتَ لِلــِّـصِّ والقـَـــوَّادِ!في لـَحْظـَةٍ سَكـَنَ الوُجُودُ تـَنـَاثـَـــرَتْحَوْلِي مَرَايا المَوْتِ والمِيـَـــلادِقـَدْ كـَانَ آخِرَ مَا لـَمَحْتُ عـَلـَي الـْمَـدَيوَالنبْضُ يخْبوُ .. صُورَة ُالجـَلادِقـَدْ كـَانَ يضْحَـكُ وَالعِصَابَة ُحَوْلـَــــــهُوَعَلي امْتِدَادِ النَّهْر يبْكِي الوَادِيوَصَرَخْتُ ..وَالـْكـَلِمَاتُ تهْرَبُ مِنْ فـَمِي:هَذِي بـِلادٌ .. لمْ تـَعُـــدْ كـَبـِلادِي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة